في الماضي كان التصميم الداخلي وتقسيم الفراغات يتم بشكل غريزي كجزء من عملية البناء، ومع مرور الوقت أصبحت تخضع للكثير من الضوابط والقواعد. مهنة التصميم الداخلي ظهرت نتيجة لتطور المجتمعات وتعقد العمارة والتي ظهرت بدورها نتيجة التطور الصناعي.
في العصر الحجري وعلى الرغم من التركيز على الجانب الوظيفي والضروري للمنازل والتصاميم إلا أنهم كانوا يزينون كهوفهم ببعض الرسومات التي يحفرونها ويرسمونها على الجدران، وهذا الأمر يقودنا إلى الاعتقاد بأن التصميم الداخلي والاعتناء بمنازلنا أمر غريزي فطري يدل على ذكاء الإنسان أيضاً. ولا يزال بعض الشعوب يستخدمون الجلود والصوف والخشب والطين لإنشاء منازل مناسبة لهم.
المصريون، اليونان والرومان:
يعرف المصريون عن طريق رسوماتهم وزخارفهم على جدران منازلهم ومبانيهم، والتي مثلت كوثائق جميلة لمعتقداتهم وأسلوب حياتهم وتاريخهم، كانت مبانيهم عبارة عن نموذجين، البسيط البدائي وهو للعمال والطبقة الفقيرة والمباني الفخمة الكبيرة وهي للحاكم أو العائلة المالكة للدلالة على ثرواتها وإرضاء آلهتهم، هذا التوجه في الحضارة والمدنية وجه التصاميم الداخلية والزخارف لتكون باسم الآلهة والدين والذي لا يزال يلعب دوراً مهماً حتى يومنا هذا.
بعد سقوط مصر القديمة إلى الرومان والإغريق، تم تغيير المدن بشكل كبير نظراً للأذواق الرومانية واليونانية المعمارية المختلفة عن الطراز المصري، الديمقراطية والحقوق الأخرى المدنية أعطت للسكان الحق بتصميم منازلهم على طريقتهم الخاصة، اليونانيون على وجه التحديد كانوا يطبقون قوانين صارمة حول أبنيتهم الضخمة المرتكزة على ركائز وأعمدة كبيرة والمزهريات الجميلة واللوحات في منازلهم المميزة.
بعد هذه الفترات المؤثرة في التاريخ ظهرت أساليب أخرى لابتكار تصاميم مميزة في أوربا، ولا سيما العمارة القوطية التي شهدت انتشاراً واسعاً في عصر النهضة الإيطالية. ومرة أخرى كانت تصاميم المباني الضخمة والمميزة تدور حول الدين بمنحوتاتها ومفروشاتها واللوحات الجدارية التي تزين أسقفها وجدرانها بأكملها، كان الاهتمام بالوظيفة والجمال متماثلاً تقريباً.
في القرنين الثامن والتاسع عشر انتشر عصر الباروك الذي يتسم بالمبالغة الفنية، وعصر الثورة الصناعية، وعصر الآرت ديكو والفن الحديث، أصبح التصميم الداخلي علماً منفتحاً على الأشخاص جميعهم العاديين والأغنياء وغيرهم، عبر مجلات الديكور والأزياء والتي أصبحت منتشرة في رفوف المكاتب والمحلات خلال فترة الثورة الصناعية.
تأثر التصميم الداخلي بالكثير من الثقافات وأصبح مزيجاً من عدة أنواع من الفنون بسبب سهولة السفر ونقل الأخبار بين مختلف بلدان العالم مما أدى ظهور الشخصية والبصمة في التصاميم حسب كل مصمم وكل شخص.
وفي القرنين العشرين والحادي والعشرين ظهرت الحداثة وما بعد الحداثة وأصبح المصممون وجوهاً مشهورة في المجتمع بعد أن كانوا عمالاً خلف الكواليس لا يعرفهم أحد، وأًصبح التصميم الداخلي عملاً ومهنة يمكن أن يتخذها المصمم على يد المصممة إلسي دي وولف والتي تعتبر أول إمرأة مصممة في التاريخ.
بعد الحربين العالميتين كان هناك عودة للازدهار والرقي والتطور الحضاري وتدفق أعداد من الناس للبناء في الضواحي، انتقل الكثير من الناس للعمل في التصميم الداخلي كحل للهرب من الواقع ولزيادة المكاسب الشخصية، وبدأت تظهر بعض التغييرات مثل إحداث غرف لتبديل الملابس في المنزل والطراز العتيق القديم الذي بدأ بالانتشار بشكل واسع.
اليوم من العادل أن نقول أننا لا نزال في عصر الانتقائية مع استمرار انتشار الطراز العتيق والطراز الحديث معاً، وبعد آلاف السنين من العمل والتطور يمكن للناس اللعب والاختيار لانتقاء أفضل طراز يناسب أذواقهم بدلاً من التوحيد، فالتصميم الداخلي اليوم متنوع جداً ويتطور بسرعة عبر الأيام وليس السنين.